المجرمُ يومَ القيامةِ لا يُسألُ عن ذنوبه، وذلك بنص الآية القرآنية: ” ولا يُسئلُ عن ذنوبهم المجرمون”.
لماذا لا يُسأل المجرمون عن ذنوبهم؟
نحتاجُ أولاً أن نعرف من هو المُجرم في سياق القرآن الكريم، فالإجرام لغة يعني: القطع، ومنه سُميت الكواكب: أجراماً سماوية، أي لأنها أجزاءٌ مقطوعٌ بعضها عن بعض، ويُقال للسارق، والقاتل، والمرتشي، مُجرم، لأنه قطع صلته بالمجتمع وقوانينه، وراح يتصرفُ على هواه. ومنه قوله تعالى: ” لا جَرمَ أنهم في الآخرة هم الأخسرون ” أي هذا أمر مقطوعٌ لا شك فيه.
فالمجرم في القرآن الكريم، هو من قطع صلته بالله عز وجل، وراح يعيشُ في الدنيا على مزاجه وهواه.
هذا المجرم يأتي يوم القيامة، فلا يُحاسبه الله عز وجل على ذنوبه، ولا يكافئه على حسناته إن كانت له حسنات، بل يُرمى في النار خالداً مخلداً فيها لانقطاع الصلة بينه وبين الله في الأصل، وهذه الصلة، هي ما توجب الغفران، والرحمة، لأن صاحبها مؤمن بوجود الله، ومؤمن بقوانينه وأحكامه، فهو متصلٌ بربه من خلال الإيمان، فتهون ذنوبه أمام رحمة الله وعفوه.
أما من يقطع صلته بالله كلية، فلا يعودُ مؤمناً، ولا يلتزمُ بأحكام الله، ولا يأبه لها، فهذا تنكر للرب والخالق، وبالتالي، لا يحتاج مثل هذا الشخص لحساب، إذ لا قيمة لكل ما فعله، لأنه لم يؤمن أصلاً، فأي حسنات أو سيئات يفعلها، لا تمثل أهمية كبيرة بالنسبة له، وهذا من مقتضى عدل الله، فإنه سبحانه لا يظلم مثقال ذرة، وإن تك حسنةً يضاعفها، ولكن للمؤمنين به، الملتزمين بقوانينه، فأن يُخطئ ابنك وهو وفي لك، وبار بك، فلا شك في أنك ستسامحه، لكن أن يخطئ ابن آخر، وهو قد تنكر لوالده، ولا يعترف به، ولا بفضله وأبوته عليه، فليس ثمة غفران ومسامحة لمثل هذا الابن، ولله المثل الأعلى.
اترك تعليقاً